بسم الله والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
كثيرا.
أما بعد:
أيها الأنسان يا من مل الحياة * وسئم العيش* وضاق ذرعا بالأيام الغُصص * إن هنالك فتحا
مبينا * ونصرا قريبا* وفرجا بعد شدة* ويُسرا بعد عسر* إن هنالك لطفا خفيا منبين يديك ومن
خلفك* وأملا مشرقا * ومستقبلا حافلا* ووعدا صادقا* وعد الله لا يخلف الله وعده
إن لضيقك فرجة وكشفا , ولمصيبتك زوائل, وإن هناك أنَسا وروحا وندى وَطَلا وظلا
الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن*
أيها الأنسان:
آن ان تداوي شكك باليقين , والتواء ضميرك بالحق , وعوج افكارك بالهدى , واضطراب
المسيرة بالرُّشد .
آن ان تقشع عنك غياهب الظلام بوجه الفجر الصادق , ومرارة الأسى , بحلاوة الرضا ,
وحنادس الفتن بنور يلقف ما يأفكون
أيها الناس:
إن من وراء بيدائكم القاحلة أرضا مطمئنة , يأتيها رزقها رغدا من كل مكان , وإن على رأس
جبل المشقة والضنى والأجهاد , جنة اصابها وابل فهي مُمرِعة , فإن لم يصبها وابل , فطلُّ
من البشرىوالفأل الحسن , والامل المنشود.
يا من أصابه الارق وصرخ في وجه الليل الطويل *الا إنجل ِ أبشر بالصبح
أليس الصبح بقريب*
صبح يملؤك نورا وحبورا وسرورا*
يا من اذهب لُبه الهّم : رويدك افق فأن لك من افق الغيب فرجا * ولك من السنن الثابت
الصادقة فُسحة .
يا من ملأتَ عينك بالدمع : كفكف دموعك وارح مقلتيك * إهدأ فإن لك من خالق الوجود ولاية
وعليك من لطفه رعاية * إطمئن أيها العبد فقد فُرِغَ من القضاء * ووقع الاختيار * وحصل
اللطف وذهب ظما المشقّة * وابتلت عروق الجهد وثبت الأجر عند من لا يخيب لدية السعي
إطمئن *
فإنك تتعامل مع غالب على امره , لطيف بعباده , رحيم بخلقه , حسن الصنع في تدبيره.
إطمئن*
فإن العواقب حسنة ,والنتائج مريحة, والخاتمة كريمة.
بعد الفقر غنى , وبعد الظما ريٌّ , وبعد الفراق إجتماع , وبعد الهجر وصل , وبعد الأنقطاع
إتصال , وبعد السهاد نوم وهاديء *لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك امرا*
لمعت نارهم وقد عسعس الليل ومل الحادي وحار الدليل
فتاملتها وفكري من البيّن عليل وطرف عيني كليل
وفؤادي ذاك الفؤاد المُعَنَّى وغرامي ذاك الغرام الدخيل
وسألنا عن الوكيل المرجَّى للملمات هل اليه سبيل؟
فوجدناها صاحب المللك طرا أكرم المجزلين فردٌ جليل
أبشروا:
فلا بد لليل ان ينجلي ولا بد للقيد ان ينكسر
وحق عليك ان يظن بالله خيرا وان ينتظر منه فضلا وان يرجو مولاه لطفا فإن امره في
كلمة (( كن )) جدير ان يوثق بموعوده وان يتعلق بعهوده , فلا يجلب النفع الا هو ولا يدفع
الضر الا هو و وله في كل نفس لطف, وفي كل حركة حكمة , وفي كل ساعة فرج , جعل بعد
الليل صبحا, وبعد القحط غيثا , يعطي ليُشكَر , ويبتلي ليعلمَ الصبر , يمنح النُعَماء ليسمع
الثناء, ويُسَلِط البلاء لِيُرفع إليه الدعاء , فحري بالعبد أن يقوي معه الأتصال , ويمد اليه الحبال
ويُكثِر السؤال